هذه الحرب تحكي مأساة منتصف القرن العشرين , يسمونها " الحرب المنسيّة "
ببساطة نَسَوها مع السنين , هي الحرب الخاسرة و كل الحروب خسارة
خسارة أرواح و أموال و خسارة حضارة ! و لكن هنا تختلف العبارة
ففي كل حرب طرف منتصر , و لكن في هذه كليهما منكسر ..
هذه ليست أحجية و ليست حكاية ذات نهاية فهي لم تنتهِ بعد , بل تلك كانت البداية
في ثاني الحربين العالميّة وُلدت القنبلة النووية , قتلت آلاف و خلّفت جروحاً أبديّة
فلبست أمريكا تاج القوة و السيطرة و السلام , و علا صمت العالم حين احتاجوا للكلام
و ظنّت بأنها قد ربحت كل المعارك , و أنه كما خضعت اليابان ستخضع كل الممالك
و لكن أمريكا نست بأن لكل جهنّمٍ " مالك " .
في الحرب سقطت قوى و تهاوت قوى , إلى أن لم يبقَ على القمة سوى الاتحاد السوفييتي و أمريكا
فقسّموا العالم على الخريطة و هم جالسون على الأريكة , فحرروا تلك و أسروا تلك و فكّكوا الشعوب تفكيكا
و لكن سئم السوفييت من هذا الشعور , بأنهم مهددين على مر الدهور
بأن تنهيهم قنبلة كما أنهت ناجازاكي و هيروشيما , فلن تبقى لهم باقية و لن تكون لحياتهم قيمة .
حينها استسلم الجيش الياباني المحتل المجرم , و تحررت كوريا من عصر الاحتلال المظلم
و قسّم أبطال المعركة أعني أمريكا و السوفييت كوريا إلى قسمين , رغم أنهم يعلمون بأن القلب الواحد لا يضخ لجسمين
و لكن الفعل ليس جديد هذا حصل في ألمانيا بعصر التجديد , بعد الحرب بالتحديد .
و لكن انقسام كوريا من المفترض أن يكون مؤقتا , أخذت أمريكا الجنوب و تركت شمالها للسوفييت
و حرصوا على أن يكون الوضع مشتتا , فأقامت كل قوة حكومة " مؤقتة " كل حكومة تدعمُ إحدى القوتين
و هنا بدأت تظهر ملامح الكوريّتيْن .
حَلِم رئيسُ الشمال بالاتحاد مجددا , فهو لم يرد انقساماً مؤبدا
و لكنه خاف من ردة فعل أمريكا , " أتريدهم أن يفرغوا القنبلة فيكَ ؟ "
رفض السوفييت طلبه رفضاً قاطعاً بلا تفكير إلى أن نجحوا في أول عملية تفجير لقنبلة نووية على أرض السوفييت .
بعدها وافقوا على الغزو و كانت سنة خمسين , و تزاحمت في السماء أرواح الميّتين
يا للسخرية ! الخبيثون على قيد الحياة كأن الموت مخصص للطيّبين
و وفقا للتصويت ستة عشرة دولة ستشارك أمريكا ضد السوفييت أو كما في الظاهر
سترد اعتداء كوريا الشمالية المُقيت .
و انتصرت الشيوعية باحتلال كوريا الجنوبية , و كانت صفعة قوية في وجه الأمم المتحدّة
و لكن استعجلوا بالنتيجة فالمعركة لا زالت متّقدة , استعادت أمريكا قوتها و رجعت لأرض القتال
فاستوت عندهم الأراضي بالجبال , كان الركام في كل مكان , و في كل مكان جثث
هل المعركة تستحق فعلا ؟ هل من أحد يكترث ؟
أكملوا طريقهم و استمر حريقهم و الدبابات لم تنم , و أصبح على كل جزء من كوريا يرفرفُ علم
خمسون ألف ماتوا و هم لا يحملون السلاح , ذنبهم الوحيد أن القتل في الحرب مباح
و ازداد عدد القتلى و عدد الجرحى , و نسى الفريقين ملامح الفرحة .
أتعلمون ما المضحك على وجه الخصوص ؟ أن أبطال اليوم كانوا بالأمس لصوص !
و نجحت أمريكا و الحلفاء في تحرير العاصمة من الأوغاد , و بدا كأن الأمان قد عاد
و رجع الشماليون بكل خيبة إلى أراضيهم , و لم تجد الوجوه الفقيرة من يراضيهم
طمعت أمريكا بالمزيد فلوّحت بشعار التوحيد
و أنه لابد أن ينتهي الشمال و تبقى الجنوب
كي تستمر الحياة و تتصالح الشعوب , أكملت طريقها و اقتحمت الشمال
و استمر تشريد العوائل و تقتيل الأطفال .
حتى وصل الجيش إلى الحدود , و خشيت الصين من الجنود
فأرسلت نصف مليون عبر النهر , و انتظروا ساعة الوصول كأنها شهر
فنفخوا الأبواق مسرعين إلى الموت , و أفزع الأمم المتحدة ذلك الصوت
و اشتدت الحرب و استمر الضرب و مات الكثير و أعني بالكثير أنه قد ماتت أمم
لم تبكِ عليهم باكية و لم تُجمع لهم قمم
فعادت أمريكا إلى الجنوب خائبة , فأقرّت لأول مرة بأنها لم تكن صائبة .
و لازال الفريقان يتربصان , فإن قامت الحرب مرة ثانية فلن يعيش على ظهر كوريا إنسان .
*مات أكثر من 3 ملايين كوري هذا غير الجنود و العسكر و تفاصيل كثيرة لم تُذكر .
المصدر
صور الحرب الكورية
و شكرا على المتابعة