الشيخ محمد توفيق الهبري.
الشيخ محمد توفيق الهبري: وُلد عام 1868م الموافق لعام 1285هـ. كان من كبار قرَّاء القرآن في عصره ومن أشهر علماء بيروت. درس على يديّ الشيخ عبد الرحمن الحوت وتزوَّج من شقيقته في وقتٍ لاحق. دخل سلك الكشفيَّة من بابها الواسع وكان يؤمن إيمانًا راسخًا بأنَّ الكشفيَّة مبادئ وأسسًا يجب أن يتربّى عليها الجيل والناشئة، وأنَّ مبادئ الحركة الكشفيَّة مبادئ سامية نبيلة تلتقي جمعيها مع مبادئ الدين الإسلامي، فأسس حركة الكشَّاف المسلم في بيروت التي انضوى تحت لوائها لفيفٌ من الشباب البيروتي، وقد عمل الفرنسيون على تفكيك عرى هذه الحركة، ولكن الشيخ استمرَّ وراء الفكرة يعمل على تغذيتها وتنشيطها دون كلل أو ملل حتى انتصر في ثني السلطات الفرنسيَّة عن أهدافها وقرارها بحل هذه الحركة وشل نشاطاتها. توفي عام 1954م وله من العمر ستة وثمانون عامًا.[76]
الشيخ محمد العربي العزوزي الإدريسي الحُسيني المغربي الفاسي: وُلد في مدينة فاس بالمغرب الأقصى حوالي سنة 1889م، وفي عام 1914م الموافقة لعام 1333هـ هاجر إلى بيروت وتعرَّف على كبار علمائها ومنهم الشيخ عبد الرحمن الحوت وأخذ عنه وعن غيره من علماء بيروت،[77] وقد أجازه الأخير إجازة عامَّة. عُيِّنَ رئيسًا لكل المغاربة الموجودين في المشرق برتبة ومعاش "بك باشا"، وحين أسس المفتي توفيق خالد الكليَّة الشرعيَّة عُيِّنَ فيها الشيخ محمد العربي العزوزي مدرسًا للحديث النبوي ومصطلحه والتوحيد والتفسير والفقه. ثمَّ عُيِّنَ خطيبًا في مسجد عاليه وإمامًا ومُدرِّسًا في مسجد الأمير عسَّاف التركماني في بيروت ومدرِّسًا في مسجد الصدّيق، وفي عام 1942م عُيِّنَ بطلب من المفتي خالد أمينًا للفتوى في الجمهوريَّة اللبنانيَّة ورئيسًا للمجلس العلمي لدى الأوقاف وبقي في منصبه إلى حين وفاته. يقول هذا الشيخ في مؤلفه كتاب "إتحاف ذوي العناية": «فممن اجتمعنا به وتبرَّكنا به عالم البلاد اللبنانيَّة بل والسوريَّة وصالحها وابن صالحها وعالمها ومُحدثها سيدي عبد الرحمن بن محمد الحوت العَلَوي البيروتي. زرته مرارًا في بيته وتبرَّكت به ودعا لي بما نرجو من الله قبوله وأجازني إجازة عامَّة».[78]
العلَّامة الشيخ حسن المدوَّر: وُلد في بيروت عام 1862م.[79] عاصر عدد من علماء بيروت اللامعين وأخذ عنهم، ومن جملتهم الشيخ عبد الرحمن الحوت. سافر إلى مصر حيث دخل الأزهر وتتلمذ على يد الإمام الشيخ محمد عبده وحضر حلقات السيّد الشيخ جمال الدين الأفغاني. ثمَّ عاد إلى بيروت وعمل على وضع المؤلفات الدينيَّة والفقهيَّة والمصنفات اللغويَّة وتلك الخاصة بعلوم التوحيد والفقه، غير أنَّ أكثرها بقي دون طباعة. درَّس في مدرسة السلطانيَّة وعُيّن أمينًا للفتيا بموجب فرمان سلطاني سنة 1903م.[80] توفي سنة 1914م قبيل اندلاع الحرب العالميَّة الأولى بقليل.[79]
مؤلفاته
ترك الشيخ عبد الرحمن الحوت بضعة مؤلفات في علوم الدين، من أبرزها: رسالة مراقي السعادات في الحث على أداء الصلوات في أوَّل الأوقات والزجر عن تركها والتهاون بها وتأخيرها،[81] ورسالة إرشاد العوام إلى سبيل السلام، وكتاب الرسالة الناصحة، وكتاب أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب. كما ساهم في إظهار عدد من مؤلفات والده الشيخ محمد الحوت الكبير.[82]
المراجع
حواشٍ
1: حدد نظام توجيه الجهات في المواد الاثنين وستين التي يتألَّف منها، القواعد المبدئيَّة التي كانت السلطات العثمانيَّة تعتمدها عند اختيار الموظفين الدينيين للمساجد والمدارس وغير ذلك من المؤسسات ذات الصفة الدينيَّة. ولقد خصص النظام المذكور بعض مواده لبيان الشروط القانونيَّة المُقررة من أجل وصول المرشَّح إلى إحدى الوظائف المذكورة. وجدير بالذِكر أنَّ القانون العثماني لاحظ من حيث المبدأ، حفظ حقوق الأبناء في الحلول محل آبائهم في الوظائف التي كان أولئك الآباء يشغلونها إبان حياتهم، على أن يُراعى المُستدعى العلمي لهؤلاء الأبناء. وعند وفاة الموظف الديني عن ولدٍ قاصر أو إذا كان هذا الولد دون السن القانونيَّة التي تؤهله للقيام شخصيًّا بالوظيفة التي كانت لأبيه، فإنَّ المشترع العثماني حفظ لهذا الولد حقّه بهذه الوظيفة عن طريق تعيين وكيل عنه يتولّى تأمينها بصورة مؤقتة ريثما يبلغ صاحب الحق فيها أشدّه وقتًا كما جاء في النصوص القانونيَّة المرعيَّة.
2: أورد الشيخ عبد الباسط الأنسي في "دليل بيروت" عن هذا الجامع أنه: «بُنيّ بمساعي أهل الخير من نصف قرن، ومُنذ فترة نُقل بابه وجُعل أكبر من الأوَّل». والمعلوم أنَّ دليل بيروت قد صدر عام 1909م، فإنَّ هذا الجامع لعلَّه قد بُني حوالي سنة 1860م. ويستدل المؤرّخ الشيخ إبراهيم أنور الحوت على صحَّة هذا القول من وثيقة تعود للشيخ عبد القادر قبَّاني مكتوبة بخط يده وجاء فيها أنَّه أوقف أجزاء من المصحف لجامع زقاق البلاط، ويظهر تاريخ الوثيقة على أنه 1303هـ/1886م، فكيف يكون الجامع قد أُنشأ سنة 1893م؟ كذلك يستدل الشيخ سالف الذِكر على صحَّة هذا الافتراض من أعداد مجلَّة ثمرات الفنون التي أوردت انتقادًا لاذعًا لبعض العادات التي كان يتبعها الناس في العشر الأواخر من رمضان من الاحتفالات بالألعاب الناريَّة والمُفرقعات لما يظنونها وداعًا لرمضان (التوحيش)، إذ كان الشيخ عبد القادر قبَّاني قد أورد: «إنَّ أهالي محلَّة زقاق البلاط قد عزموا على إحياء الليالي الأخيرة من العشر الأواخر من رمضان بتلاوة القرآن الكريم العظيم في مسجد المحلَّة المذكور، فنِعمَ العزم ونِعمَ ما يصنعون».
منقووووووووووووووووول